خشم دانشگاه‌های غربی [-، الخلیج امارات، 28 آوریل 2024]

غضب الجامعات الغربیة

28 أبریل 2024 00:24 صباحا

الخلیج 50 عاما عطاء وریادة

افتتاحیة الخلیج

 قراءة دقیقتین

2

شارک

یتجه غضب الجامعات الأمریکیة والغربیة دعماً للشعب الفلسطینی، وتندیداً بالإبادة الجماعیة المستمرة التی ترتکبها إسرائیل فی قطاع عزة، لتشکل تطوراً مثیراً ومنعطفاً حاسماً فی مسار التطورات والمواقف حیال هذه الحرب وما خلّفته من مأساة إنسانیة ناطقة بکل ما یثیر النقمة والغضب.

حشرت هذه الاحتجاجات القرار الأمریکی الداعم لإسرائیل فی زاویة وبدأت فی إرباکه، کما امتدت إلى الجامعات الأوروبیة وأسترالیا، راسمةً صورة غیر مألوفة منذ عشرات السنین.

الجامعات تجمع صفوة الأمم من الطلاب والباحثین والأکادیمیین، وهذه الفئات الحیة هی المعبّرة عن ضمائر المجتمعات وصنّاع مستقبلها، ومهما بلغت درجة القمع من القوة، فلا یمکن إخضاعها قسراً، أو تجاهل مطالبها قهراً، فما من حرکة طلابیة نهضت، إلا وکانت مثالاً فی السلمیة والتحضر؛ لأنها تجمع جیلاً کاملاً من مختلف التیارات على مبدأ سامٍ وهدف نبیل.

وفی الحالة المتنامیة فی الجامعات الغربیة، فقد کان الهدف نصرة الشعب الفلسطینی فی وجه آلة البطش والطغیان الإسرائیلیة، التی تمادت فی القتل والتدمیر وارتکاب الجرائم والانتهاکات، مدعومة بتواطؤ أمریکی وأوروبی مفضوح. ولم یجد المسؤولون فی واشنطن وتل أبیب، غیر شماعة «معاداة السامیة» لیعلقوا علیها الحرج الکبیر أمام هذه الاحتجاجات، فی محاولة لوأدها قبل أن تحدث انفصاماً حاداً فی مؤسسات الدولة الأمریکیة وشرخاً لا یمکن إصلاحه.

الاحتجاجات التی انطلقت شرارتها من جامعة کولومبیا فی نیویورک، وامتدت إلى العدید من المؤسسات المرموقة مثل هارفارد ویال وبرینستون، ها هی تضرب فی السوربون، أعرق الجامعات الفرنسیة، ومعهد باریس للدراسات السیاسیة، وفی ألمانیا وأسترالیا، رغم محاولات السلطات مواجهة هذه الحرکات وتشویهها بذرائع التحریض على الکراهیة ورفع الشعارات المحظورة أو «إتلاف العشب»، وهی تهمة وجهتها السلطات الألمانیة لمنظمی مخیم احتجاج مؤید للفلسطینیین خارج مبنى المستشاریة ببرلین.

العدوان الإسرائیلی على غزة والإنکار الغربی المستمر لحقوق الشعب الفلسطینی، وازدواجیة المعاییر المتبعة تجاه قضیته لم تعد قادرة على مقاومة هذا الوعی الصارخ فی الجامعات والمؤسسات الأکادیمیة الغربیة.

وبعد أشهر طویلة من النفاق السیاسی والتلاعب بالرأی العام، یولد جیل جدید لا یتأثر بالدعایات الوقائع المزیفة، فهذه الصحوة إنسانیة صرفة، ولا علاقة لها بالکراهیة والتحریض کما یزعم الزاعمون، وإنما کانت صرخة مدوّیة من أعماق الذات الإنسانیة رفضاً لأی تبریر لحرب إبادة غزة، ومنعاً لمنح إسرائیل فرصة للإفلات من المحاسبة والعقاب.

منذ بدایة الحرب العدوانیة، والمواقف الغربیة، بقیادة واشنطن، تدعم إسرائیل بالمال والسلاح والإسناد اللوجستی، فقد تم شلّ مجلس الأمن بالفیتو الأمریکی خمس مرات، رفضاً لوقف الحرب، وتمت عرقلة تنفیذ قرارات محکمة العدل الدولیة، ومنع تدفق المساعدات الإنسانیة إلى النازحین.

وفی ضوء کل هذا، لیس غریباً أن تثور الجامعات وتتصدى النخبة لوقف هذا التدهور الأخلاقی غیر المسبوق.

احتجاجات الجامعات الغربیة مستمرة، وربما تنجح فی إنهاء العدوان على غزة، کما نجحت قبل أکثر من نصف قرن فی وقف التورط الأمریکی فی فیتنام. وها هو الغرب یواجه ذاته مرة أخرى من أجل المبادئ التی یتعلمها الطلاب فی مقاعد الجامعات، ویریدون ممارستها فعلاً وقولاً، وهذه المرة من أجل الشعب الفلسطینی الذی یستحق کل هذا وأکثر، وهو أحد أسمى معانی النصر.